مساهمة الأستاذ لطفي الشّابّي في سهرة الوفاء لتوفيق بكّار


معراج الوريث

من القلائل الّذين  يعلنون اعتزازهم بمشاركتي السّير في ما أسمّيه "الطّريق الواعرة" ومقاسمتي "الإيمان بالمعنى"، (ولم أعد أدري إن كان هذا التعبير الأخير له أو لي)، صديقي الشّاعر الأديب لطفي الشّابّي الذي لم يتردّد لحظة في تبنّي مشروع عرضنا "تغريدة وفاء" تبنّيا كاملا منذ اليوم الأوّل وفي تجشّم عناء السّهر على تنشيطه باستقبالنا في بيته ذات يوم رمضانيّ قائض لضبط تفاصيل العرض، ثمّ بالتّدرّب مع الصّديقة الأستاذة نورة عبيد لتنسيق عمليّة التّقديم الثّنائي لمختلف فقراته.


ولطفي الشّابّي عضو الهيأة المديرة لجمعيتنا "معابر" وعضو "صالون معابر للقراءة والكتاب" منذ تأسيسه سنة 2012، كان قد شارك في العرض الذي قدّمناه سنة 2014 بعنوان "حدّث بكّار قلنا... حدّث بكّار قال" والذي احتفينا فيه بأستاذنا وهو على قيد الحياة.
ولئن كانت للطفي الشّابّي في عمليّة التنشيط وربط الفقرات ببعضها إضافات أدبيّة هامّة، فإنّ "تغريدة الوفاء" قد تضمّنت نصّا شعريّا من إنشائه هو قصيدته "معراج الوريث" التي بدت وكأنّها قد صيغت مخصوصا لتشكّل فقرة من فقرات هذا العرض.
فإلى صديقاتي وأصدقائي قرّاء مدوّنة "ورشة الهكواتي" هذه القصيدة المليئة "بالمعنى" ، أفهل يتدبّرون ؟، مع مودّتي الخالصة.


معراج الوريث

إن سرتَ وحدك بعد موت رياحهم
 وهمود أرواح خُدعتَ بضوئها
إن سرت وحدك ملءَ روحك 
وانتصرت على حنينك للسّراب وخنتَه
إن سرتَ مأخوذا بذكرى الوردة الأولى
وبنصل آخر الوردات يرتع في دماكَ
فاجمع غيومك كلّها
واخلع حروفكَ عن حدائق لا تراكَ

ملحٌ روابيها ونارٌ ضفّتاها
خذلتك أرض قبلها
ومضت تسلّم للغريب نُضارها وثمارَها
خذلت يديك وشرّدتك
خذلتك فيها طوائفُ
قتلوك إذ عاجوا عن النّبع الذي  فجّرتَ منه صباحهم
ذبحوا العنادل وهي تشدو في يديك
ومضوا يحُدّون النّيوب ويرقصون

*  *  *  *  *

لطفي الشّابّي على ركح فضاء الهواء الطّلق بالمكتبة المعلوماتية بأريانة، منشّطا للعرض، وشاعرا

ما زلتُ أذكر كيف ضجّوا حول ظلّي وهو يعلو في الدّماء
صخبوا وداروا حول ضوء الظلّ يطلع من دمي
رقصوا جنونا كالضّفادع  فانتبهتُ
كانوا جميعا من عرفت على الطّريق ومن وضعتُ
كانوا دخانا في صباحي
أو صدى وجع تمكّن من خطاي فغلّني
سمّيتُهم...
وطلبتُ رائحةَ الغمام على الطّريق
فلم تردّ لي الرّياح سوى الرّدى:
هذي وتلكَ وهؤلاء ... وأنتمُ
واللاّهثون بلا عيون في الرّماد وفي الوَحلْ
الحاضرون  الغائبون ،
النّاطقون الصّامتون ،
الرّاكضون الجامدون
 والرّابضون كما العناكب في المُقلْ
هنّ وهُمْ... والذّاهلون
وكلّ من أكل المسيرُ وغربلت ريح الطّريقِ من الغمامات السّرابِ
ومن خناجر في القبلْ

*  *  *  *  *

لطفي الشّابّي يؤدّي التّحية مع المجموعة مؤدّيا أغنيتنا : "يا درّة من طينة نادرة"

سكت العواءُ...
نامت ذئابُ الحيّ سكرى فوقَ ظلّكَ
خنستْ جموع كنت ترقبُ بعثَها
سكتت بلاد فانتفضتَ على بذاءة صمتها
ومشيتَ وحدكَ في عُلاكَ بلا ظلال أو ضياء أو سماءْ
ها أنت وحدكَ..
لولا هذا الطّير يهمس في المدى ويقول لكْ:
كم أنت مخفيّ وعارٍ  كالحقيقةِ
لا صوت يكسرُ  ما كسبتَ من الوقار
ولا خيانةَ في الصّدى
كم أنت مكتظّ وخاوٍ
لا غياب ولا حضور
مُذ صرتَ ذكرى في الكلام
مُذ صرتَ جمعاً مُفردَا

 

لطفي الشابي 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة والتراث

تكريم الهكواتي

أنا أيضا ... حوماني