مساهمة الدكتور حسين العوري في سهرة الوفاء لبكّار


سيّدُ الكلماتِ الوضيئــة

في سهرة السبت 17 جوان، على ركح فضاء الهواء الطلق بالمكتبة المعلوماتية بأريانة، من الأصدقاء الأوفياء الذين أسعدتنا مساهمتهم في عرضنا "تغريدة وفاء" المهدى إلى روح أستاذ الأجيال توفيق بكّار، واحد من أبرز طلبته وأكثرهم تأثرا به ووفاء لروحه.
إنه الشاعر الصديق الأستاذ حسين العوري الذي أعدّ قصيدة جديدة يرثي فيها أستاذنا.



العوري يلقي قصيدته في سهرة الوفاء 
على ركح فضاء الهواء الطلق بالمكتبة المعلوماتية بأريانة

وقد كان شاعرنا كتب، في حياة بكّار، قصيدة أولى في أستاذنا، كان لنا شرف نشرها في مجلتنا "معابر" وإلقائها ضمن عرضنا "حدث بكّار قلنا... حدث بكّار قال"، ذات سبت 24 ماي 2014، على ركح دار الثقافة ابن رشيق، بمناسبة احتفائنا بأستاذنا بحضوره على ركحنا، "شخصية للموسم الثقافي 2014".  
في سهرة الوفاء الأخيرة، قدم الأستاذ حسين العوري لقصيدته قبل إلقائها، بهذا المدخل :
"رحم الله أستاذنا توفيق بكّار. كان - بعبارته الأدبية الفاتنة وتحاليله النادرة وروحه المعطاء- "نصّا قادحا" حيّا وميّتا. ألهمني، قبل عشر سنوات، قصيدة سمّيتها "قطب المجالس" في إشارة إلى منزلته المتفرّدة بين زملائه ومكانته العالية عند طلبته ومريديه.

كنتُ، وقتها، أتهيّأ للمشاركة في ندوة تكريمه بسليانه (ربيع2007) ، وكنت بصدد مراجعة كتابه" شعريات عربية" ...فتنني نّصّه  فانثال على لساني طالع القصيدة :
             بكّــــارُ والنّصّ  فنّــــانٌ وفاتنةٌ        وجوقةٌ من شفيف اللحن  معطارُ
طويتُ الكتابَ وأخذت الورقة والقلم وكانت القصيدة  التي ختمتها على هذا النحو:
           ما قلتُ غيرَ الذي في القلب أحملُهُ     أنا المريــدُ وقطبُ الحفـــلِ بكّــارُ


قطب المجالس في مجلس الاحتفاء به من قبل جمعية معابر 24 ماي 2014

..وما كاد يمضي أسبوعٌ على وفاته حتّى كانت  هذه القصيدة  التّي سمّيتها، في إشارة إلى واحدة من أبرز صفاته : "سيّدُ الكلماتِ الوضيئــة".. إلى روحه العالية  الطاهرة أرفع ما فيها من مشاعر وأحاسيس"
            فإلى صديقاتي وأصدقائي قرّاء هذه المدوّنة هذه القصيدة، مع خالص الشّكر لصديقنا الشاعر القدير حسين العوري، وأجمل تحيات أخيكم الهكواتي.

سيّدُ الكلماتِ الوضيئــة

فَظيــــعٌ أنْ تُغَيَّبَ أوْ تَزُولاَ
وقدْ كنتَ المعلّــم َ والرَّســــــــولاَ
وكنتَ المُهتدي الهادي رفيقا
بِنا في عَتْمَـــة الدَّربِ الدليــــــــلا
بذرتَ عُقولَنا  عِلْمًا وحِلْمـًـا
فخَصّبْتَ الروابِيَ والحُقـــــــــولا
فظيعٌ مَوْتُ مَن نَهْوى مُريعٌ
كما الأحلامُ إذْ تُمْســي طُلـــُـــولا
***
فَقيدَ الحرْفِ.. يا بَكّارُ.. عُذْرًا
أَحَقًّا أنْتَ  أزْمَعْتَ الرحيــــــــلا؟
أحقــًّـا ما تردّدَ في النـــوادي؟
أَأَسْرجْتَ الأيَائِلَ و الخيـــــولا؟
أحقًّا رُوحُكَ اشتاقتْ حِماها؟
فَسِرْتَ إلى مَرابِعــِــها عَجـــولا؟
وما سلّمتَ ، لمْ تتْــرُكْ خِطابا
ولا خلّفــْـــتَ في الدَّرْب الفتِيــــلا
فلِمْ – يا سيدي – لَمْ تَنتَظِــــرْنا ؟
وكـــان الشــــوق يملؤنا فضـــولا
ولِمْ ..لَمْ  تُمْهِـلِ النبضاتِ حتّى
نقبّــــلَ هامَكَ العالي الجليـــــــلا؟
وقــــدْ كنّـــــا تهيأنـْـــا لِحفْـــلٍ
بــــه نلْقاكَ بَسَّـــامًــا  جَميـــــــلا
فَنَقْضي بعْضَ ما كنّا أخذنــــا
وكَــمْ أعطيْتَنا جيـــــلاً فَجيــــــلا 
***
فظيــــعٌ أنْ تُـغَيَّبَ أوْ تــَــزولا
وقد كنتَ  المعلّــــــمَ والرســولاَ
وكانَ الموتُ أسرَعَ مِنْ خُطانا
تَخَطّفَكُــــــمْ.. وألْبَسَنـــا الذُّهُــــولا
***
ربيبَ الفَــنّ يا تِربَ الأقاصِي
تـَرُودُ شِعابَهـــا عَرْضًـــا وطُــولا
وتَفتـــَــحُ للْمُريديــنَ الثنايـَــــــا
فيَغْدو الحَزْنُ منْبَسَطا ..، سُهُــــولا
وكُنْتَ ، إذا تحدّى القـَـوِمَ نــصّ
أتاكَ النــَّـصُّ  مُنقــَــــادًا ذَلِيـــــــــلا
كأنّــكَ سـَـاحرٌ والنصّ طِفْـــــلٌ
تُلاعِبُ عقْلــــَه الغـِــــــرّ الكَليـــــلا
ومَا بالسّحْـــــرِ ولّدْتَ المعانـــي
وَلاَ بالْوَهْـــــمِ دَوّختَ الْعُقــُـــــــولا
ولَكـِـــنْ خبرةُ الْفُرْســـــان كانتْ
سِلاحــَـــكَ حينَ ترتــــاد الفصولا
وَعُدّتُكَ المَعَــــارفُ طاميـَــــاتٍ
بها تَسْتنْزِلُ  العُصْـــــمَ الفُحــُـولا
فكَـمْ روّضْتَ مِنْ نصٍّ جَمُــوحٍ.. !
وكَــمْ فجّرتَ في الصَّخْرِ السُّيُولا!
وكمْ أَغْوَيْتَ مِنْ مَعْـنـى ومَغْنى.. !
فجَاءَ النصُّ مُشْتعِلاً هَدِيـــــــــــلا
فُنـُــونٌ مِنْ بَديع السَّبْك تَتْــــرَى
تَدَفَّـــقُ مِنْ لِسَانِـــكَ سَلْسَبيـــــــلا
فيَغـْــدُو مَنْ يُعاقِرُهــــا سَليمًــــا
وكانَ ،قُبَيْـــلَ رَشْفَتِها،  عَلِيــــــــــلا

***
العوري في ختام عرض "تغريدة وفاء" يغني مع مجموعة الجسر الصغير وجملة المساهمين
"يا درّة من طينة نادرة"

أبَكّـــارَ المنَاقِبِ والسَّجـَــــايـَــا
لِسـَـــانُ الشعْرِ يَعْجِــــزُ أنْ يقُــولاَ...
ففَضْلُكَ فائضٌ عنْ كلّ حَصْـرٍ
وعِلمُكَ ساطِعٌ يُعْشِــــــي الكَليــــلا
ومَنْ رَامَ اخْتزالَكَ في سُطـُــورٍ
بَدا كالوَهْـــمِ طَــاوَل مُسْتَحيــــلا
لقدْ كنتَ التواضُــــعَ في جَلال
وكُنْتَ الحِلـْـمَ والشَّهْــمَ النَّبيـــــــلا
وكنت الدوْحَـــة الفرْعاءَ عِلْمـًــــا
وأخْلاقــــًــا وفَـيْئـًــــا لنْ يـــَـــــزُولاَ
فكَمْ من طَلْعِها اقتَتْنا فـِـــراخًــا..!
وكَمْ في ظِلّـِــــها اخْترْنا المَقيـــلا..!
***
أَيَا هَرَمَ الْمَكـَـــارِمِ.. قـَــــــرَّ عَيْنا
ويَا عشّاقــَـــهُ.. صَبــْـــرًا جَميلا
فمَــنْ بذلَ المَعارِفَ في سَخَــــاءٍ
وكانَ  المُخْلِصَ السَّمْحَ الدَّلِيــــلا
لــهُ في الأرْضِ ذِكْرٌ ليس يُنْسى
ودَارُ الْخُلــْــدِ تَحْضُنُــــهُ نَـــزِيــلا

حسين العوري

رادس مليان  في 30 أفريل 2017

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة والتراث

تكريم الهكواتي

أنا أيضا ... حوماني