المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠٠٨

معلمتي الجليلة،،، عذرا

صورة
سنتي على جناح السّرد – النّص 12 من 53 – 25 أفريل 2008 معلمتي الجليلة،،، عذرا سيّدتي، معلّمتي الجلية، لست أدري لماذا اضطربتُ بمجرد أن رأيتك ؟ لماذا فاجأتْني رؤيتُك أنت بالذات في ذلك المكان بالذّات ؟ لماذا بقيَتْ في ذهني، منذ أكثرَ من عشرين سنةً، صورةٌ عنكِ تحشرك في زمرة أعداء وسائل التّربية الحديثة، من يرفضون تلقّي أيِّ معرفة جديدة ؟ ولماذا تمنعُني هذه الصورة من مجرّد قَبول ظهورك في فضاء ثقافي كحدث منطقيّ ؟ معذرة، معلّمتي الجلية، فقد تكون هذه الصّورة راسبة في ذاكرتي إلى الآن، لأنني لم أكن أتوفّر في تلك الفترة على ما تهيّأ لي اليوم من وسائل الاشتغال عليها لمحوها نهائيّا كما محوت غيرها من الصّور الخاطئة، وللسّيطرة على مسبّباتها كما سيطرت على غيرها من الذّكريات الأليمة. ولكن لماذا وجدتُني أضطرب هكذا ؟ لماذا انتابني فجأة شعور بأنّني مازلت بعد طفلا في الثالثة عشرة، والحال أنني أقترب من الأربعين ؟ لماذا تهيّأ لي، وأنا الذي دخلت معترك الحياة من سنوات طويلة، أنّني مازلت بعدُ تلميذا في السنة الأولى من التعليم الثانوي ؟ ولماذا بدا لي الفضاء الذي جمعنا صباح أمس وكأنّه قسمُك بالمعهد وليس قاعةَ م

عشاء لأربعة أشخاص

صورة
سنتي على جناح السّرد – النّص 11 من 53 – 18 أفريل 2008 عشاء لأربعة أشخاص شارفت على التّقاعد من هذه المهنة ولم يحدث أبدا أمامي ما حدث في تلك الليلة. حريف حجز في مطعمنا مائدة لعشاء خاصّ جدّا لأربعة أشخاص في مقصورة. فسهرت على توضيب مقصورته وزِينَتِها كما اشتهاها تماما: زهور يانعة جلبها بنفسه وشموع معطّرة وإنارة خافتة وما إليها... كان واضحا أنّ المناسبة في غاية الأهمّية عنده. لذلك كان يلحّ على تنظيم هذا العشاء بدقّة مصرّا إصرارا مرَضيّا على كلّ التّفاصيل، متفرّغا كليّا لهذه المهمّة كما لو لم يكن شيء يشغله غيرُها. في الموعد المضبوط تماما، فتحت الحاسوب لأطلق، بنقرة فأرة، قراءة قرص مضغوط كان قد أمدّني به بنفسه صباح ذات اليوم. حين ذاعت تلك الموسيقى الهادئة في المقصورة، فهمت أنّ حريفي وضيوفَه من كبار عشّاق الموسيقى الأوروبّية الكلاسيكية. ولأنّ مواعيد الرّجل مضبوطة بالثّانية، فقد وصل في الموعد الذي حدّده لوصوله تماما، ولكن وحده. استقبلته باحترام كبير وأدخلته المقصورة وخلعت عنه معطفه وأجلسته. ثم خرجت وفي ظنّي أن أغيب ما يكفي من الوقت في انتظار ضيوفه. ولكنّه ناداني بعد دقيقتين بالضّبط ليفاجئني

زنقة الأدب

صورة
سنتي على جناح السّرد – النّص 10 من 53 – 11 أفريل 2008 زنقة الأدب هذه القصّة من وحي خيالي. سيقرؤها زوجي فيصدّق أنّها فعلا من نسج مخيّلتي، وأنّ كلّ شبه لأحداثها بالواقع إن هو إلاّ محض افتراء منّي لا أساس له ولا رأس. سيصدّق زوجي ذلك، حتّى بعد أن يقرأ الأسطر الموالية التي سأعترف فيها صراحة بعكس ما ذهبت إليه في مطلع الفقرة الأولى. سيصدّق ذلك مؤكّدا أنّ ما يلي ليس أكثر من دليل آخر، مكتوب هذه المرّة، على أنّني أقتات من وهم التّحلّي في نفس الوقت بالتّحرّر الكامل ومطلق الصّدق، وأتبجّح بالاختلاف في ذلك، وفي تفاصيل أخرى لا عدّ لها، عن كلّ النّساء الأخريات. سيصدّق زوجي، مع ألاّ وجود لكاتبة في الدّنيا تستطيع منع الأحداث التي تعيشها في الواقع من أن تطفو، عن وعي أو بدونه، على سطح الأحداث التي تتخيّلها. ما يجرّني إلى الاعتراف، بكلّ وضوح ومن بداية نصّي، بأنّني غُلبت كما غُلب كلّ الذين كتبوا من قبلي، وبأنّ وقائع حياتي اليوميّة فرضت نفسها هنا، كأحداث رئيسيّة، بينما رسبت الأحداث المتخيّلة في الدّرك الأسفل من الهامش فصارت مجرّد رماد ذُرّ على أعين. فليؤخذ هذا النّصّ إذًا على أنّه ضرب من السّيرة الذّاتية. ف

شهوة مريم

صورة
سنتي على جناح السّرد – النّص 09 من 53 – 04 أفريل 2008 شهوة مريم "شهوة ابنتك يا رجل" هكذا ذكّرته زوجته بوعد قطعه على نفسه. سألته ككلّ يوم : - "يا رجل، صبّوا* ؟" فأجابها أخيرا: - "نعم صبّوا". جاء التذكير في الوقت المطلوب تماما، في شكل طرادة مسرحية مبرمجة مسبقا. نطق جملته المتّفق عليها : - "نعم، صبّوا" فردّت عليه: - " لا تنس إذًا... شهوة ابنتك يا رجل". لقد وعد مريمَ وعدا قاطعا من أشهر ثلاثة خلت، فصبّوا بعد ذلك الشّهريّة مرّتين ولم يستطع أن يوفّي بوعده. وكلّما "صبّوا" ولم ينجز الوعد، كانت مريم تقبل تأجيله وتقبّل جبين أبيها وتلوذ بصمتها الحزين في انتظار أن "يصبّوا" في آخر الشّهر الموالي. ظلّت مريم تحتفظ بشهوتها في صدرها شهورا طويلة. وحين عبّرت عنها أخيرا، في مطلع السّنة الدّراسية، رقّ لها أبوها ووعدها بالتّنفيذ. ولكن على شرط أن تحصل على المعدّل في امتحانات الثلاثية الأولى. صبرت مريم ثلاثة أشهر كاملة باذلة في صمت كلّ ما كان في استطاعتها من جهد، حتّى نسي أبوها أنّه وعدها. ويوم وصل ساعي البريد ببطاقة مراسلة الثّلاثية، سارعت