رسالة كمال الشّطّي المفتوحة إلى الهكواتي من مقهى الجسر الصّغير

في مقهى الجسر الصغير

رسالة مفتوحة إلى صديقي الأديب الهكواتي سالم اللبان
بقلم كمال الشّطّي

          تمهيد : تعودت كلّما اتصل بي صديق مسافر إلى باريس وطلب منّي إن كنت أوصي بشيء، أن أطلب منه طلبا واحدا، وهو أن يزور مقهى الجسر الصّغير وشرب قهوة وهو يتذكّرني بخير. وهو المقهى الذي كان في الثمانينات من القرن العشرين محطتي اليومية تقريبا إذ كنت طالبا في باريس، والذي اقتبست اسمه لموقعي على الانترنت ثم لمجموعة الجسر الصغير للبحوث الموسيقية والمشهدية، وختاما لدار النّشر التي أنشأتها في سنة 2012.

          وكان من الطّبيعي أن أجدّد لصديقي الصّحفي الكبير والأديب كمال الشّطّي،  صاحب المقامات، وصاحب الإصدار الأخير "بورقيبة في عقديه الأخيرين.. مذكرات صحفي"،،، أن أجدّد له نفس الطّلب حين سألني نفس السّؤال، منذ حوالي شهر، حين كان يتأهب للسّفر إلى بلاد فولتير.


كمال الشطّي على يسار الصورة ذات احتفاء بكتابات الهكواتي في سوسة

ولكن، لأنّ لقب صديقي كمال الشّطّي مشتقّ، حسب اعترافه لي مرارا بعظمة لسانه، من "الشّطط" (خلافا لبقية العائلة المعروفة باعتدالها)، فقد كانت منه هذه الرّسالة المفتوحة المشاكسة المتذمّرة، التي يريد من خلالها تسجيل "مزيّته" (بالتّونسي وذلك منه منّا هههه) وتحميلي مسؤوليّة ما حصل له حين نفّذ وصيّتي.

ولأنّني ديموقراطي ومن أنصار حرّيّة التعبير، فها أنا أنشر رسالته على مدوّنة ورشة الهكواتي حتى تقرؤوها وتحكموا له أو عليّ (وأنا الخاسر في كلّ الأحوال). فقراءة ممتعة للجميع، وعيدكم سعيد، وكلّ عام وأنتم بخير. مع تحيّات الهكواتي


رسالة كمال الشّطّي المفتوحة إلى الهكواتي

سلاما صديقي العزيز....

أدّيت الأمانة التي حمّلتني إيّاها لمّا طلبت مني أن أجلس في مقهى الجسر الصّغير على ضفاف نهر السّان ملهم قصائدك الهكواتيّة...

لا تسل صديقي عن الحرج الذي أوقعني فيه هذا المقهي الملهم، لمّا وقع نظري على أحدب نوتردام متدحرجا رفقة محبوبته من فوق سقف كنيسة نوتردام دي باري المجاورة للمقهى...

الهكواتي يشرب قهوته في اطمئنان كامل في مقهى الجسر الصّغير منذ شهرين

كنت أتأمّل هذا المشهد مندهشا، فإذا بالسّيد فيكتور هوغو يأتيني مصطحبا جان فالجان الذي فاجأني صارخا :

"يسرقون في بلادكم خبز الشّعب والشّعب يزكّيهم ..وأنا اكتفيت بسرقة خبزة واحدة فنلت العذاب الأدهى"..

كنت أستمع إلى جان فالجان مندهشا، لمّا أقبلت نحوي زمرة من رجالات فرنسا من بينهم فولتار وجان جاك روسّو ومنتسكيو وهم يردّدون أغنية حزينة مطلعها:

ما هكذا تنال الحريّة
بالفوضى والأنانيّة
والتّفرقة والفوضويّة....

تسللت في غفلة منهم إلى خارج المقهى، خائفا مترقّبا، متحسّبا من أن يهربوا بي إلى البانتيون، حيث يقيمون.


كمال الشّطّي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة والتراث

تكريم الهكواتي

أنا أيضا ... حوماني