دمّل ... في حوض القرنفل

سنتي على جناح السّرد – النّص 08 من 53 – 28 مارس 2008

دمّل ... في حوض القرنفل


ماذا كان عليّ أن أقول ؟
إنّني، على ما يُعرف عن المذيعين العرب من ثرثرة ومن فتوحات مهنيّة في مجال ملء الفراغ بالكلام، لا أقدر على تنشيط محادثة تدوم بضع دقائق، يستغرقها تناول وجبة عشاء ؟ إنّني لست الشّخص المؤهّل لمرافقة رجل غريب مسالم، يعتبر ضيفا على العائلة بأسرها، لإعطائه عنّا صورة العائلة الكريمة الخيّرة المضيافة حسنة القبول ؟ من كان سيصدّق هذا؟
ماذا كان عليّ أن أقول ؟
إنّني أنا، السّيد قرع بن قرع، المشتغل في محطّة تلفزيون الباذنجان البرّي في دولة اللّفت الشّقيقة، والعائد صدفة في إجازة لشأن خاصّ، ليس لي وقت لمثل هذه المهامّ البروتوكولية السّخيفة ؟ هل عُرف عنّي أنّني تكبّرت سابقا على أيّ كان ؟ هل رفضت مدّ يد المساعدة يوما في أيّ شأن مهما كان تافها ؟
فبماذا كان عليّ إذًا أن أجيب عمر ولد خالتي الذي اختارني، من دون خلق الله جميعا، لهذه المهمّة الشّاقّة؟



*****

ملقوط ابن ملقوط عمر ولد خالتي هذا، حاشا خالتي.
كان دائما يعرف المغارة التي فيها يخفي الشّيطان أبناءه الملاعين. حين كانت عيناي تنظران إلى تلك الأرجل الصّغيرة تدوس قرنفلي كما لو أنّها كلّفت بسحق قلبي، كان عمر ورائي تماما. وكان يدير إليّ ظهره، منهمكا في جدال مع رجال من عائلة زوجته، دار قميرة. ومع ذلك رأى بعينيّ ما رأيت تماما، وسمع بأذنيّ ما سمعت تماما، والتفت إليّ فجأة ومسكني من كتفيّ وقال مقهقها :
- "آش بيك يا فخّ ؟"
كدت أهجم عليه لأؤدّبه. ولكنّني احتراما لما يتلى من آيات الذكر الحكيم داخل بيته، لم أشأ أن أردّ عليه نبزته أمام المدعوّين لحفل ختم القرآن بمناسبة خطبة ابنته، فأجبته في نفسي...
- "فخّ... يا زرّيعة الكلاب ؟"
كلب ابن كلب عمر ولد خالتي هذا، حاشا خالتي.
وإلاّ فما الذي ذكّره وقتها بالذّات بهذا اللقب الذي لم ينادني به أحد غيره والذي يعود إلى أكثر من ثلاثين سنة خلت ؟ أجبته بابتسامة من لم يفهم قصده :
- ماذا تريد أن يكون بي ؟ لا شيء إطلاقا. فرحان والله لفرحك بخطبة الزّهرة... آآآ أقصد ابنتك ميّة.
- "الزّهرة يا فخّ يا مسيكن ؟ أنا لا أحتاج إلى أن أقرأ شيئا على وجهك مباشرة، حتّى أشعر سريعا بما تشعر به من حرج"
- "حرج يا حرايمي" ؟
هكذا أجبته، ولكن في سريرتي مرّة أخرى. أمّا هو فقالها ولم ينتظر منّي ردّا. بل انصرف يحثّ الخطى نـحو ضيفه "السّي مخلوف" القادم خصّيصا من "بالرمو" صحبة أطفاله وزوجته التي لم يكد أحد يتبيّن منها أكثر من نظّارتين شمسيّتين تلمعان، في هذا الليل، من تحت سواد قطنيّ فضفاض يطوّق كامل بدنها.



*****
وكأنّهم جاؤوا خصّيصا لدوس حوض القرنفل الذي قضّيت كامل العشيّة أزرعه وأسقيه

شيطان رجيم ابن شيطان رجيم، عمر ولد خالتي هذا، حاشى خالتي.
كان يعرف كلّ الحكاية من رأسها إلى ساسها. رأى سيّارة مخلوف الحلّوف وهي ترسو أمام بيتنا برقم تسجيلها الإيطالي، تماما في المكان المخصّص لسيّارتي. ورأى جِرَاءه الثلاثة ينزلون من بابها الخلفي في هرج ومرج وكأنّهم جاؤوا خصّيصا لدوس حوض القرنفل الذي قضّيت كامل العشيّة أزرعه وأسقيه على أمل التّمتّع ببعض عطره حين أعود في الصّيف القادم. فاسترجع في ذهنه، في لمح البصر، كلّ الشّريط القديم بنفس السّرعة التي مرّ بها نفس الشّريط على شاشة ذاكرتي.
أنا لا أعيب على عمر ولد خالتي أنّه أحسّ بضيقي حين رست تلك السّيّارة بالذّات هناك، ولا أنّه التقط بحاسّته السّادسة موجات تطيّري ممّا حصل لحوض القرنفل عند عبور ذاك السّواد الفضفاض مجالي البصري، ولا أنّه قاسمني تخاطرا ما تذكّرته في تلك اللحظة بالذّات. فقد كان ولد خالتي مستودع أسراري في تلك الأيام التي هجرت فيها حومة الرّبط بأسرها، "لأسكن" كامل النّهار تقريبا في حومة الطّرابلسية. ولكن ما أعيبه عليه هوّ أنّه تعمّد بعد ذلك تـجاهل مشاعري وتصرّف وكأنّ شيئا لم يقع :
- أقدّم لك سي فخر الدّين الدّزيري ولد خالتي... غنيّ عن التّعريف. حين كنّا صغارا كنّا "نتربّج" به* فنناديه "الفخّ" كأن تقول منداف... أنا واثق من أنّك تتابع برامجه على القناة الجديدة الخليجية. أم أنّكم لا تستطيعون التقاطها في بالرمو ؟
- "الله لا تبارك لك يا عمر يا ولد خالتي" – قلت، في نفسي من جديد، وأضفت في العلن بابتسامة المذيع المحترف- "لست على هذا القدر من الشّهرة. فأنا أقدّم برنامجا ثقافيا ثقيل الظّلّ في نظر هذا الجاهل ولد خالتي، ولا أظنّ أحدا يتابعه غير المختصّين. فما بالك بالقاطنين في أوروبّا... على كلّ، تشرّفنا بمعرفتك يا السّي مخلوف".
"الله لا تبارك لك في شيء يا عمر يا ولد خالتي"، قلت في نفسي من جديد. فهكذا أصبح جاري الحميم سي ثوم بن بصل. هذا القادم من بالرمو، بكرشه الدّلاعة وأنفه الشبيه بالفلفل المحشيّ وفمه الذي يذكّر بغار السّعود*، لا أسنان تمنع داخلا ولا قاع يرجع صدى حجر يرمى فيه.
هكذا إذًا تمّ إعلان سي معدنوس هذا، ضيفا من فئة خمسة نجوم وتنصيبي أنا رسميّا مرافقه الشخصيّ. أنا، مرافق لهذا المتطاوس بسيّارته المقتناة من خردة بالرمو بعد أن صُوِّر على متنها شريط "المافيوزي المهاجر" ؟؟؟
داهية ابن داهية عمر ولد خالتي هذا، حاشى خالتي. كلما أراد تحقير أحد بالغ في إكرامه. أجلس "السّي مخلوف" إلى جواري ليجعله بعيدا عن كافّة ضيوفه الآخرين. خصّنا بكرسيّين مختارين من بين كلّ الكراسي، ووضع أمامنا مائدة خشبيّة خاصّة أعدّت لتبقى بعيدة المنال عن كلّ مدعوّ سوانا.
هكذا قرّر، بمناسبة خطبة ابنته لأصغر أشقّاء زوجة هذا الدّلفين البرّي المدعوّ "السّي مخلوف"، أن يخصّص جناحا من بطحاء الحومة للكائنات من أمثاله وأن يكلّفني، بصفتي مهاجرا أنا الآخر، بالسّهر على راحتهم.
"الله لا تبارك لك جملة يا عمر يا ولد خالتي"...هذا كلّ ما كان لديّ أن أقوله في سرّي مؤجّلا كلّ الكلام إلى ما بعد انتهاء الحفل.


*****

- نعرف باللي عائلة مخلوف معروفة بالزّاف عندكم هنا، ولكنّني مانيشي ولد بلاد.
هكذا قال "السّي مخلوف" حين طال الصّمت بيننا ولم أفتح معه أيّ حديث. أيّ وصمة يريد هذا المنجوس أن يلصقها بي؟ أكيد أنّه يظنّني من أولائك البلهاء المرضى بعداء مزمن لكلّ برّاني، وما أكثرهم.
هل كان عليّ أن أقول له إنّني لو كرهت النّاس أجمعين فلن أكره الجزائريين ؟ هل كان عليّ أن أذكّره بأنّ اسمي "الدّزيري" كما هو منطوق هنا أو الجزيري كما هو مكتوب في بطاقة تعريفي، ليس أكثر من تحريف "لجزائري" ؟ هل كان ينبغي أن أستشهد بشريطي الوثائقي عن "التراث الموسيقي في المغرب العربي"، حيث انفضح انـحيازي الصّريح، كمّا وتعليقا، للمدرسة القسنطينيّة، ما جلب لي ردّ فعل سلبي من النّقّاد، رغم أنّني أحفظ المالوف التّونسي وأعشق الغرناطي المغربي ؟
كدت أفتح معه هذا الملفّ الذي لم يكن بوسعه أن يعرف له مدخلا من مخرج. بل كدت أصارحه في كلمتين بأنّ ما يضايقني ليس بالمرّة جنسيته الجزائريّة، بل شخصه هو بالذّات ونوعيّة أبنائه عديمي التربية. ولكنّني اكتفيت بابتسامتي المهنيّة المجاملة ورددت عليه بجملة في قِصَر جملته :
- كذلك أنا. وجدت عائلة الجزائري معروفة هناك في الخليج. ومع ذلك فأنا فيهم برّاني وأصرّ على أن لا يُظَنّ أنّني ولد بلاد.
وعدت سريعا إلى صمتي وذكرياتي المتعلّقة "بمحبس" القرنفل، ذاك الذي ادّعى فريد ولد العجل سرقته من أجلي بعد مغامرة ليلية، قادته من سطح بيتهم إلى فناء البيت الملاصق للسّور.

وعدت سريعا إلى صمتي وذكرياتي المتعلّقة "بمحبس" القرنفل
*****
تواصل الصّمت بيننا طويلا حتّى جيء لنا بالطّعام. وبدأ "السّي مخلوف" يزدرد الكسكسي و"صماصم"* اللحم ويزيد "السّقاء" والفلفل الحارّ أكثر من مرّة، ولا يكفّ عن مراقبة صحني الذي لم أكد أتناول منه شيئا.
لعلّه سيظنّني مكلّفا باحتساب اللقم التي يلتهمها وليس بمرافقته لتشجيعه على الأكل، كما تفرضه تقاليدنا لدى استقبال ضيوفنا المبجّلين. ذلك أنّه بدأ يتململ على كرسيّه تعبيرا عن حرجه ثم لم يلبث أن قطع الصّمت بسؤال :
- وآش راك ؟ لا باس يا صاحبي ؟
- "لا يورّيك باس" قلت ...
ثمّ عدت مرّة أخرى إلى صمتي وذكرياتي. فبماذا كان يريدني أن أجيبه ؟ هل كان عليّ أن أقول له بكلّ وضوح إنّ رسوّ سيّارته في مكان سيّارتي وتعمّد أطفاله دوس حوض قرنفلي بأرجلهم الصّغيرة، أشعل في داخلي نار جهنّم؟
هل كان مستعدّا لسماع قصّة تعلّقي بالقرنفل من يوم تهت وراء محبس في قفّة تحملها يد مخضّبة بالحـنّاء؟
هل كانت له الشّجاعة لمعرفة ما ألهم عمر ولد خالتي لقب "الفخّ"، أطلقه عليّ تظاهرا بالإشارة إلى الحرفين الأوّلين من اسمي، وهو يضمر تذكيري بطريحة نبّاش القبور التي نلتها من الحبيب ولد قميرة يوم وقعت في فخّه فلحق بي من حومة الطّرابلسيّة إلى قاع حومة الرّبط ليكسّر ذلك المحبس بالذّات على ظهري ؟
كم مرّة طرح عليّ "السّي مخلوف" نفس السّؤال : "لا باس يا صاحبي ؟" وكم مرّة أجبته "لا يورّيك باس" ؟

*****
- لا يورّيك باس يا "السّي مخلوف" ... قلت لك لا يورّيك باس يا "السّي مخلوف"
هكذا أجبته هذه المرّة ولعلّ شيئا من التّوتّر قد ظهر في طريقة إلقائي. كان ذلك رغما عنّي. فلم تكن لي من قضيّة تشغل بالي في ذلك الوقت سوى حكاية صداقتي العابرة مع فريد ولد العجل. كان في ذلك العهد ولدا غبيّا سهل المخادعة. وحيث كان يسكن في زقاق قميرة في حومة الطّرابلسية، فقد افتعلت معه خصومة سرعان ما اعتذرت بعدها لأصبح له صديقا حميما أدخل زقاقهم العميق جدّا ذا البيتين الوحيدين المخفيين في قاعه، وأخرج منه متى شئت، وأقابل بالصّدفة فيه من أخطّط لاعتراضه في طريقي بصفة عفوية جدّا، كما شئت.
كانت صداقة مفتعلة انتهت بعركة مشهودة في غرس الزّيتون وراء معهد الفتيات، أسقطت لفريد أثناءها آخر أسنان الحليب التي بقيت في فمه، بعد أن اكتشفت أنّه من تواطأ مع الحبيب ولد قميرة لينصب لي فخّ محبس القرنفل.
طمأنني بأنّه سرق المحبس بالليل وأحضره لي دون أن يتفطّن أحد. ونال من عندي يومها جزاء على هديّته، أوّل سيجارة تعلّم بها التّدخين. ومن الغد جاءني مدّعيا أنّ محنّية اليدين تفطّنت لاختفاء محبسها وأنّها تطلب منّي، وقد فهمت كلّ شيء، أن أعيده حالاّ وأضعه في المخبئ المعلوم لدى كلينا، في رأس الزّقاق، حتّى تأخذه هي وتعيده إلى مكانه فتنجو من الطّريحة التي تتهدّدها.
وهكذا انغلق عليّ فخّ أخيها الحبيب الذي كان قد علم كلّ تفاصيل حكاية المحبس من رسالة وجدها في كرّاس أخته. وضعت المحبس يومها وجريت بكلّ ما أوتيت من جهد ولكنّ الحبيب كان أسرع منّي فلحقني قبل أن أتجاوز زقاق النّاصرية إلى زقاقنا. وحصل لي ما حصل.

*****

حين أعاد عليّ "السّي مخلوف" نفس السّؤال تعمّدت تجاهله تماما لعلّه يفهم أنّني لا أرغب البتّة في التحدّث معه. بل إنّني آليت على نفسي أن أصوغ جوابا أكشف له فيه كلّ شيء وليكن ما يكون. وكان ينبغي على جوابي أن يكون قصيرا ومعبّرا ومباشرا.
بدأت أتخيّل كلّ جملة وأردّدها في ذهني حتّى لا أتلعثم في النطق متى تجرّأ "السّي بطّيخ" على طرح سؤاله من جديد :
"اسمع يا "السي مخلوف"، خاطبته في نفسي، إعلم أنّك لئن كنت أنت المعتمد رسميّا كصهر لسي الحبيب قميرة، فإنّ حكاية الفخّ قد طواها النّسيان، والجالس إليك يعتبر اليوم أعزّ أصدقائه. ولئن كنت أنت زوج الزّهرة قميرة الشّرعيّ فإنّني أنا من كانت تراني في أحلامها وأنا من اختارت أن تبني على وعودي كلّ مستقبلها.
واعلم كذلك يا "السّي مخلوف" أنّ اليدين المخضبتين بالحنّاء كانتا يداها، وأنّ محبس القرنفل الذي قادني حتى زنقتهم في حومة الطّرابلسية، كان في قفّتها، وأنّ بقائي أعزب إلى اليوم ضريبة لالتزامي بعهد قطعناه معا، وأنّ عشقي الأبديّ للقرنفل ليس إلاّ امتدادا لعشقي لها.
بل إنّني حين داس أطفالك الثّلاثة حوض القرنفل منذ حين، تمنّيت لو أنّ تلك الأرجل الصّغيرة كانت من صلبي أنا، وحين رأيت تلك التي عبرت حلقات الرّجال متسربلة بحداد أزليّ على أحلام شبابنا... صوّرها لي خيالي وهي تعبر جموع الرّجال سافرة الوجه والحلم والطّموح، تماما كما وعدتني ذات زيارة شجاعة إلى بيتنا في حومة الرّبط، لمواساة ضحيّة فخّ أخيها، وتماما كما ينبغي لحرم الدّزيري أن تكون، إرادة حرّة وفعلا مؤسّسا يرسم أفقا أجمل لغد بصدد التشكّل."
أعجبتني طرادتي وإن كانت تعابيرها مستوحاة من السّجلّ الشّعريّ اليساري ذي اللغة الخشبية. فقد كانت تعبّر بكلّ صدق عن مشاعري وقناعاتي.
بقيت هنيهة أستعيد إجابتي مرارا في ذاكرتي وأنظر إلى "السي مخلوف" وهو يقشّر برتقالته بمهارة. كانت له في ذلك طريقة "فنّيّة" ما كنت أتصوّر مثله قادرا عليها. أما أنا فكنت في نفس الوقت مستعدّا لإلقاء طرادتي كما لو كنت أمام الكاميرا، وخائفا ممّا يمكن أن يحصل لو تهوّر فطرح سؤاله من جديد.
وأنّ عشقي الأبديّ للقرنفل ليس إلاّ امتدادا لعشقي لها
وحصل ما كنت أخشاه :
- "واش راك... لا باس يا صاحبي ؟"
عندها أظلم الأفق قدّامي فجمعت كلّ شجاعتي وقلت له :
- "هل ستصدّق لو قلت لك إنّني في هذه اللحظة أتألّم بشدّة ؟ هل ..."
وفجأة... طار كلّ ما أعددت من كلام ولفّه النّسيان.
- " ان شاء الله لاباس ... اتكلّم يا الخو وآش بيك سكتت ؟ فرّغ قلبك... فين هادي الوجيعة ؟ "
- " عندي دمّل يا سي مخلوف... دمّل في حوض قرنفلي ..."
نظر إليّ بعينين جاحظتين من شدّة التّعجّب فقرّبت فمي من الأذن التي مدّها نـحوي وشعرت برغبة مجنونة في عضّها كما لأنتقم من الطرّيقة التيّ تعتمدها الحياة لتفتيت أحلام الشّباب. ولكنّني همست له بكلّ لطف:
- "لا تعجب يا "السّي مخلوف"، فمن عاداتنا في الرّبط أن نسمّي الفحم بياضا والملح ربحا وأن نطلق عبارة حوض القرنفل على المنطقة التي لا تسمّى من جسد الرّجل"
هكذا لم أقل شيئا ولم أفش من سرّي شيئا. وليفهم "السّي مخلوف" ما يريد فهمه، متى بلغت به الوقاحة حدّ طرح السّؤال على عارف من أولاد الرّبط، فأكّد له أن هذا التّعبير لم يوجد إطلاقا في قاموس الحومة.

الهكواتي – المنستير
----
*"نتربّج" به : ندلّعه - غار السّعود : غار في جبل على شاطئ المنستير تقول الأسطورة إن حظوظ العوانس تنام فيه فلا تستيقظ حتى تقذفنها بالحجر – "صماصم" اللحم، عبارة في الجهة تؤكّد على كبر قطعة اللحم في مآدب الأفراح .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة والتراث

تكريم الهكواتي

أنا أيضا ... حوماني