سقط القناع

 

 

 سقط القناع

إهداء

إلى السيد قيس سعيّد

بقراراتك في 25 جويلية 2021،حق لك تسجيل اسمك في تاريخ تونس. أهديتُك جائزة نوبل للسلام معبرا باذخا، فأعرضتَ عنه. فكان لزاما على الشاعر تعويضه بهذه القصيدة معبرا بديلا سيخلدك في التاريخ ولو كرهتَ. 

*** 

لَا الصَّمْتُ مِنْ ضِمْنِ عَادَاتِي وَلَا الكَذِبُ

إنْ لَمْ يَفُرْ غَضَبِي لَا كُنْتَ يَا غَضَبُ

 

لَا الشِّعْرُ مِنِّي وَلَا فِي الصَّدْرِ لِي نَفَسٌ

 إِنْ لَمْ أقُلْ مَا بِهَذَا الصَّدْرِ يَصْطَخِبُ

 

مَا كُلُّ فُصْحَى دَلِيلٌ فِي الخِطَابِ عَلَى

صِدْقِ الفَصَاحَةِ، يَا مَا طَالَتِ الخُطَبُ

 

تَزْهُو بِصَوْتِكَ فِينَا، لَمْ نُصِبْ أَبَدًا

إِلاَّ الكَلَامَ الَّذِي مَنْطُوقُهُ الخَشَبُ

 

أَمَّا المَعَانِي فَدَوْمًا طَلْسَمٌ لَزِجٌ

لُغْزٌ عَصِيٌّٰ وَأُفْقٌ غَائِمٌ وَقِبُ

 

هَذِي البِلَادُ سَفِينٌ جَانِحٌ، خَبِرَتْ

غَدْرَ البِحَارِ وَلَكِنْ هَدَّهَا التَّعَبُ

 

تَهْذِي بِقَيْسٍ وَمَا قَيْسٌ بِهَا كَلِفٌ

لَكِنَّهُ نَاصِبٌ فَخًّا كَمَا نَصَبُوا

 

طَالَ المِطَالُ وَمَا أَفْصَحْتَ عَنْ أُفُقٍ

يَا قَيْسُ، مَهْلًا أَمَا يَكْفِيكَ ذَا اللَّعِبُ ؟

 

يَا قَيْسُ مَهْلًا كَفَى العَذْرَاءَ مَا انْتَظَرَتْ

مَا أَنْتَ عَاشِقُهَا، بَلْ أَنْتَ مَغْتَصِبُ

 

قَدْ كُنْتُ أَدْعُو لِصَبْرٍ لَوْ وَجَدْتُكَ فِي

نَهْجِ الخَلَاصِ بِنَا تَمْضِي كَمَا يَجِبُ

 

لَكِنْ رَأَيْتُكَ مَوْتُورًا وَمُرْتَبِكًا

تَسْعَى لِتَخْدِيرِ شَعْبٍ هَزَّهُ الطَّرَبُ

 

تَذْرُو الرَّمَادَ شِعَارَاتٍ لَهَا جَرَسٌ

يَغْفُو لَهُ العَقْلُ وَالأَفْهَامُ تَضْطَرِبُ

 

وَتُضْمِرُ السَّيْرَ فِي المَجْهُولِ مُغْتَنِمًا

كُرْسِيَّ رُبَّانِ فُلْكٍ مِلْؤُهُ ثُقَبُ

 

تَلْهُو بِهِ الرِّيحُ وَالأَمْوَاجُ تَلْطُمُهُ

وَالمَاءُ مِنْ قَاعِهِ المَثْقُوبِ يَنْسَرِبُ

 

مِنْ كُلِّ صَوْبٍ تُحِيقُ الصَّاعِقَاتُ بِهِ

حَتَّى المَقَاصِيرُ فِيهَا النَّارُ تَلْتَهِبُ

 

وَأَنْتَ فَوْقَ خَرَابِ البَيْتِ مُنْتَصِبٌ

نِيرُونُ يَخْلِفُ مَنْ غَشُّوا وَمَنْ نَصَبُوا

 

مَنْ أَقْبَلُوا مِنْ بَعِيدٍ ذَاتَ مَسْغَبَةٍ

رُوحُ الغَنِيمَةِ تَحْدُوهُمْ إِذَا وَثَبُوا

 

الزَّرْعُ وَالضَّرْعُ جَفَّا مِنْ تَدَافُعِهِمْ

يَا لَلْمُرَائِينَ كَمْ لَمُّوا وَكَمْ نَهَبُوا

 

كُلُّ المَرَاتِبِ سَامُوهَا بِخَرْدَلَةٍ

آلَتْ لِأَحْقَرِهِمْ، كَمْ دِيسَتِ الرُّتَبُ

 

كَمْ ضٓلَّلُوا الشَّعْبَ، كَمْ ظَلَّتْ مَسَابِحُهُمْ

تَسْتَدْرِجُ الأَحْمَقَ السَّاهِي فَيَنْتَخِبُ

 

حَتَّى إِذَا بَانَتِ الأَضْرَارُ عَنْ كَثَبٍ

أَضْحَى بِهِمْ كَافِرًا يَبْكِي وَيَنْتَحِبُ

 

فَقِيلَ رُبَّ غَرِيبٍ عَنْ مَسَالِكِهِمْ

فِيهِ الخَلَاصُ وَمِنْهُ الصِّدْقُ وَالحَدَبُ

 

لَمْ نَدْرِ أَنَّ الغَرِيبَ الوَافِدَ انْزَرَعَتْ

فَيهِ الطِّبَاعُ الَّتِي فِيهِمْ وَمَا اكْتَسَبُوا

 

الحُكْمُ يُفْسِدُ طِيبَ الطَّيِّبِينَ، فَكَمْ

أَصَابَ مَنْ ذَاقَ مِنْ ذَاكَ الهَوَى كَلَبُ

 

أَمَّا وَقَدْ قَالَ: "بَعْضَ الوَقْتِ نُبْعِدُهُمْ

عَنْ سَاحَةِ الفِعْلِ حَتَّى يَنْجَلِي الكَرَبُ"

 

فَالكُلُّ هَلَّلَ لِلْإِنْقَاذِ وَاجْتَمَعَتْ

أَطْيَافُ مَنْ قَرُبُوا مِنْهُ وَمَنْ رَغِبُوا

 

كُلٌّ يَقُولُ "لِنَصْبِرْ كَيْ نَرَى فَرَجًا

شَهْرًا وَشَهْرًا جَدِيدًا، لَمْ يَضِقْ رَحِبُ"

 

لَكِنَّ رُوحَ المِطَالِ المَاكِرِ انْتَصَرَتْ،

يَا قَيْسُ فِيكَ، وَحُبُّ الحُكْمِ وَالغَلَبُ

 

طَالَ المِطَالُ عَلَيْنَا، هَلْ لَعِبْتَ بِنَا

يَا قَيْسُ؟ وَاللهِ مَا هَذَا الجَنَى رُطَبُ

 

يَا قَيْسُ صَارَ انْقِلَابًا مُضْمَرًا سَلَفًا

مَا قَدْ أَتَيْتَ وَمَا خِلْنَاكَ تَنْقَلِبُ

 

عَلَى انْقِلَابٍ قَبِلْنَا مُجْبَرِينَ بِهِ

تَحْتَ الضَّرُورَةِ حَتَّى يُصْلَحَ العَطَبُ

 

هَذَا القِنَاعُ الَّذِي كَمْ تَحْتَهُ خِدَعٌ

اِخْلَعْهُ فَوْرًا فَهَا قَدْ زَالَتِ الرِّيَبُ

 

هَا قَدْ كَشَفْتَ لَنَا أَنْيَابَ ثَعْلَبَةٍ

مِنْ بَابِ قِنِّ الدَّجَاجِ اليَوْمَ تَقْتَرِبُ

 

لَا فَرْقَ بَيْنَ الذِّئَابِ المَاكِرَاتِ، وبَيْنَ

الثُّعْلُبَانِ بِزَعْمِ الطُّهرِ يَحْتَجِبُ

 

أَبْعَدْتَ أَكْفَأَنَا فِي صَوْنِ حُرْمَتِنَا

كَأَنَّ خِبْرَتَهُمْ إِنْ حُزْتَهَا جَرَبُ

 

تُجْرِي الكَلَامَ شَرَارًا قَادِحًا لَهَبًا

يَهْمِي عَلَى الدَّارِ مِنْ جَرَّائِهِ الحَصَبُ

 

أَصْبَحْتَ عَنْ أُفْقِنَا المَحْدُودِ تَعْزِلُنَا

فِي عَالَمٍ وَاسِعٍ زَالَتْ بِهِ الحُجُبُ

 

تَبْنِي لِعُزْلَتِكَ الأَسْوَارَ فِي صَمَمٍ

عَنْ كُلِّ رَأْيٍ سَدَيدٍ قَصْدُهُ الصَّقَبُ

 

يَا قَيْسُ اِخْلَعْ قِنَاعًا وَاغْتَنِمْ، كَرَمًا

مِنْ شَعْبِكَ، الصَّفْحَ حَتَّى يُبْلَغَ الأَرَبُ

 

اِخْلَعْ قِنَاعَكَ كُنْ لِلصُّلْحِ قَائِدَنَا

لاَ تَبْغِ فِينَا فَيَبْقَى الشَّعْبُ يَحْتَرِبُ

 

إِمَّا جَنَحْتَ إِلَى التوفيق تَكْسِبُنَا

أَوْ تَخْتَرِ العَسْفَ لَا، لَنْ يَكْسِبَ الغَصِبُ

 

يَا مَنْ تُخَدِّرُ شَعْبِي كَيْ يَخَافَ، فَإِنْ

أَطْلَقْتَ "صَارُوخَكَ" المَوْعُودَ يَنْسَحِبُ

 

لِلشَّعْبِ حُرَّاسُهُ فِي نَوْمِهِ فَإِذَا

حَقَّتْ مُقَاوَمَةٌ يَسْتَيْقِظُ الأَدَبُ

 

هَذَا أَنَا الشِّعْرُ، بَحْرِي حَامِلٌ غَضَبًا

عِنْدَ المَعَارِكِ أَعْصَابِي لَهَا العَصَبُ

 

أَنَّى لِمَنْ هَامَ عِشْقًا بِالبِلَادِ، كَمَا

قَدْ هِمْتُ، أَنْ يَتْرُكَ الأَوْطَانَ تُغْتَصَبُ

 

الهكواتي

المنستير في 25 أكتوبر 2021

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة والتراث

تكريم الهكواتي

أنا أيضا ... حوماني