كفى إشهارا ؟؟؟

في انتظار السبت 22 فيفري
"كفى إشهارا" ؟؟؟

ها أنا أشرع في الكتابة المنتظمة، كما وعدتكم في الافتتاحية المؤرخة في 8 فيفري والمعلنة انطلاق أشغال ورشتنا هذه، لأحدثكم أخبار نوارسنا، لا أخفي عنكم شيئا من هواجسنا ولا مما نتداوله فيما بيننا تراسلا أو تهاتفا أو أحاديث مباشرة.
ولكن قد يكون من ردود الفعل التي ترد عليّ شخصيا أو على بقية الأصدقاء ما يكون مهمّا ويثير من القضايا المبدئية ما نحن في حاجة إلى توضيحه لأنفسنا قبل توضيحه للآخرين. لذلك، أبدأ هذه "اليوميات" بإعلامكم برد فعل تلقائي ورد عليّ من صديق عزيز.

هو صديق لي على غاية من الجدّية ونقاوة الضمير وغزارة العلم وإخلاص المودّة. فلا شك لي في حسن نواياه ولا في صدق نصحه لي ولا في حرصه على نجاح مشاريعي، ومن ورائها مشاريع من أحبهم وأشاركهم الطريق التي اخترناها معا.
صديقي هذا من القلائل الذين أطلعتهم على نيتي إعادة الروح إلى ورشة الهكواتي قبل انطلاق نشاطها وقبل إعلاننا مشروع "نوارس الرّوايات الخمس" الذي نحن بصدده. ولأنه يرتاد الفايسبوك مثل غالبية أصدقائي، فقد اطّلع على خبر تركيز فرع معابر بالساحل منشورا في نفس الوقت على صفحة الجمعية التونسية للفنون والآداب والتثاقف المغاربي المتوسطي، وعلى صفحتي الخاصة، وكذا على صفحات الأصدقاء أعضاء الورشة، وبعدها على مدونة ورشة الهكواتي، فعلى مدونة الجمعية، فضلا عن غيرها من المواقع الافتراضية.

ومازال الأصدقاء يتقاسمون الرّوابط للإعلام عن هذا الحدث الذي يعيشون على وقعه بكل حماس، حتى اتفقنا على أن يبادر كل منّا إلى تغيير صورة الخلفية الأصلية لصفحته على الفايسبوك ويتخذ بدلا منها الصورة المميزة لمشروع "نوارس الروايات الخمس" بعد أن أضفنا إليها هذه العبارات : "هذا التزام مني برفع التّحدّي مع المجموعة" .
الصورة المميزة للورشة كما اعتمدت خلفية لصفحات فايسبوك الملتزمين برفع التحدّي

كل هذا والأصدقاء الفايسبوكيون يعلقون على منشوراتنا بما يجاملنا ويشجعنا ويهنئنا على ما أقدمنا عليه. وحيث كان في كل ذلك "ضجيج احتفاء" كمثل ضجيج الأعراس وغيرها من المناسبات الاجتماعية، فإن صديقي النّصوح، وهو الكتوم طبعا، والمؤمن بالعمل الصّامت منهجا، وجد نفسه مدفوعا إلى تنبيهي بإرسال خطاب فايسبوكي يقول لي كلمتين لا ثالثة لهما : "كفى إشهارا".

لا أخفي عليكم أنني ارتبكت بعض الشيء رغم ثقتي بنفسي وبمجموعتنا الناشئة ومنهجنا في العمل. لذلك لم أنتظر طويلا قبل أن أطلبه في الهاتف لأتناول معه الموضوع بشكل رفع بيننا كل لبس في مقاربتنا هذه المسألة.

كان يمكن أن تشكل تلك المكالمة المطولة نقطة نهاية تقفل باب تلك الملاحظة العابرة. ولكن، هل يكفي الحوار الثنائي في الموضوع وقضية ما سمّاه صديقي "الإشهار" مطروحة على ورشة الهكواتي منذ نشأتها وعلى مدى تجربتيها السابقتين ؟ وما نفع حوارنا الهاتفي ذاك إن لم أستغلّه لتجاوز إقناع صديقي النّصوح إلى اغتنام فرصة ملاحظته لإثارة الموضوع على رؤوس الملإ ومناقشته داخل الورشة لتتضح خفاياه للمشاركين فيها أولا وأساسا ؟

من هنا وجب عليّ أن أشكر لصديقي علنا ملاحظته تلك. فهي تمكننا من فرصة لنثبت شفافية التّمشّي الذي تعتمده ورشة الهكواتي، سواء تجاه المشاركين فيها أو تجاه متابعي أشغالها. ففي ورشتنا لا نريد هروبا من طرح أي سؤال ولا نسمح بتقدّم في أشغالنا إلاّ بعد تبيّن طبيعة المسالك التي نطرق، بكل ما فيها من تشعّب، وبكل ما يختفي وراء أدغالها من مفاجآت لن يتيسر لنا النّجاح إلا متى استطعنا الاحتياط لها، ومن مزالق قد تنسف مشروعنا متى لم نتجنب السقوط فيها.

في بدايات تجربتي الشخصية "تحدّي الكتابة"، بادر بعض الأصدقاء (وغير الأصدقاء أيضا) بالتعليق على بياناتي وإعلاناتي على مشاريعي، مستحضرين شيئا من تراث أبي العلاء المعرّي. فقالوا هذا من "لزوم ما لا يلزم". صديق عزيز من المعلقين، فسر إقدامي على مثل هذه "الإعلانات" عن مشاريعي قبل إنجازها قائلا:  "إنّها فكرة ذكية يلجأ إليها حتى يهزم كسلا فيه لا يقدر على مجابهته بمفرده فيستنجد بنا لنيسر له التغلب عليه".
من ورشة الهكواتي تذكيرا بنوارس سنتي على جناح السرد (من قصة نوارس الجمعة 13)

انطلاقا من هذا التفسير وذاك، كونتُ لي فكرة واضحة وردّا مقنعا على قضية ما سمّاه صديقي الأول "الإشهار". وكان يكفيني أن أجمع شتات هذا الرّدّ من أجوبتي عديد المرات عن أسئلة صحفية تناولت هذه المسألة أو من نصوص أخرى حبرتها في الموضوع.

ولكن ورشة الحال غير الورشات السّابقة، فهي ورشة فريق لا ورشة منشئ فرد. والسّؤال المطروح عليها لم يعد مطروحا على شخصي بقدر ما هو مطروح على الجميع. لذلك أحتفظ بما لديّ من حجج وأفكار لأساهم بها في مناقشات الورشة حول هذا الموضوع. وأطرح السؤال هنا على كل الصديقات والأصدقاء حتى يدلي كل منهم بدلوه ونتداول في الأمر ثم أستوحي من مداولاتنا، بما فيها من أفكار تحتمل التوافق والاختلاف والتنسيب، ما ألخصه بكل أمانة ولكن بمطلق الحرية في نص أنشره هنا لاحقا.

هذا يعني أن ما طرحناه على أنفسنا من مهام في اليوم الأول من أشغال ورشتنا، والمتمثل في قراءة نصوصنا فيما بيننا والالتزام بإعداد المهام التحريرية المتفق عليها في آجالها، ستضاف إليه مهمة ثالثة، ألا وهي الخوض بشكل جماعي في المسائل الإشكالية المتعلقة بمنهج عمل الورشة والإجابة على ما يمكن أن يطرأ من أسئلة تطرح على مشروعنا من داخل الورشة أو من خارجها.

عند خروجنا يوم السبت الماضي من المركب الثقافي بالمنستير، كان مطروحا على كل ملتزم منّا بكتابة رواية أن يعدّ ليوم 22 فيفري 2014 ملخصا متكاملا لروايته. وكانت لنا طيلة الأسبوع اتصالات هاتفية وافتراضية تناولت بالأساس مسائل تتعلق بكيفية إعداد هذه الملخصات أو بقضايا جانبية، لها أهمية بالغة ولن أتخلف عن التطرق إليها في ما سأنشره من نصوص على هذه المدونة.

في انتظار اكتمال تلك الملخصات وتوزيعها فيما بيننا للاشتغال عليها، أقترح على صديقاتي وأصدقائي تخصيص اتصالاتنا الثنائية والجماعية على مدى الأسبوع القادم للتداول في مسألة الإعلام عن أعمال ورشتنا في مختلف المواقع بداية بحصة "ضفاف" التي استضافتنا في استوديوهات إذاعة المنستير ووصولا إلى كل المحامل الإعلامية الافتراضية منها والتقليدية، ومن بين هذه المحامل مدوّنتنا هذه. هل هذا الاعلام "إشهارا" ؟ هل هو استجابة إلى نوازع نرجسية تسولها لنا أنفسنا التي لا ننزهها عن حب الظهور ؟ أم هل وراءه ما يسمو به إلى غايات أرفع من هذه ؟ ثمّ أي فرق بين الظّهور الذي يفرضه الحضور العادي والظهور الذي يفرضه التهافت ؟ بين حب الظهور المشروع وحبّ الظهور المَرَضِيّ ؟

مناقشاتنا في هذه المسائل ستكون، دون شك، مقصورة على عناصر الورشة. فإلى أفكاركم ومساهماتكم أيتها الصديقات وأيها الأصدقاء الملتزمون. ولكننا سوف لا نمنع أحدا من التعبير عن رأيه من خارج فضاء الورشة. فنحن نرحب بكل مساهمة تصلنا، تعليقا على هذه التدوينة أو تفاعلا على صفحات الفايسبوك التي سنتقاسم عليها رابط مدونتنا هذه. فأهلا بكل من أراد إثراء نقاشنا مشكورا سلفا على تجشمه هذا العناء.

مع تجديد الشكر لكل من يقرأ هذا النص ويتفاعل معه، لكم منّي شخصيا ومن أصدقائكم أعضاء ورشة الهكواتي الملتزمين بمشروع "نوارس الروايات الخمس" خالص الود.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة والتراث

تكريم الهكواتي

أنا أيضا ... حوماني