نداء الصداقة في الفن بين طرابلس والمنستير

 


نداء الصداقة في الفن

بين طرابلس والمنستير

 

تشرفت في آخر الاسبوع المنقضي بلقاء صديقي الفنان الليبي الكبير عازف العود والملحن محمود أبو دربالة الذي جاء الى المنستير ضمن وفد اعلامي بمناسبة المولد النبوي الشريف


.

 عرفت الفنان محمود أبو دربالة او "محمود الأساتذة" كما يسميه زملاؤه وطلبته بالمعهد العالي لتقنيات الفنون بطرابلس، في زيارة له سابقة الى المنستير صحبة صديقي العريق الصحافي الشاعر فوزي المصباحي الذي تخلف عن هذا الوفد لاسباب قاهرة كما قال لي، والذي تربطني به علاقة قديمة جدا تعود الى مؤتمر اتحاد الصحافيين الافارقة المنعقد، بداية الالفينات، بالقاهرة.

وسرعان ما اصبح صديق صديقي فوزي صديقي الشخصيّ، لما وجدته في سي محمود من شغف بالموسيقى وبمجالات اهتمام اخرى مشتركة. وقد أسعدني أنه اعلمني بقدومه ضمن هذا الوفد من قبل خروجه من طرابلس وحرص على لقائي من جديد.





قضى الوفد الاعلامي الليبي بضعة ايام في المنستير أحيت خلالها فرقته الموسيقية في نزل الاقامة، حفلين داخليّين مخصَّصَيْن لأعضاء البعثة. وتحول الوفد يوم المولد النبوي الشريف الى القيروان حيث شهد الاحتفالات المتفردة التي تقام هناك بهذه المناسبة.





وكان لا بد من ايجاد فرصة للقاء، على هامش برنامج الوفد. وهذا ما تيسّر يوم السبت حيث اختلسنا من الزمن الهارب ساعات صفاء، اختطفته خلالها من فندق إقامته بسقانص. وصاحبنا في "هربتنا" صديقان كريمان تعرفت عليهما يومها:

أحدهما السيد احمد الزيتوني، وهو فلاح من هواة الفن والثقافة، يفتح في مزرعته بطرابلس جناحا قارّا مريحا يتخذه بمثابة النادي الثقافي يستقبل فيه من اهل الفن والفكر نخبة تتبادل الافكار وتستعرض اخر انتاجاتها الشعرية والفنية. ويعدّ صديقي الشاعر فوزي المصباحي أحد ابرز مرتادي هذا المجلس ومنشطيه.



اما الثاني فهو الدكتور البشير الصفصاف وهو ضابط عسكري سام خرج الى الحياة المدنية ليؤسس في المجتمع المدني منتدى او خلية تفكير حول مستقبل ليبيا في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.



وقد لمست في هذا الرجل من الخلق الجميل وغزارة العلم ما حوّل لقاءنا الى شبه محاضرة عن تاريخ ليبيا وخصائصها الديموغرافية والاسباب العميقة لما آلت اليه من تفكك ووضع متأزم ليس من السهل الخروج منه في الوقت الراهن.وقد استفدت من حديث الدكتور الصفصاف ايما استفادة . ووجدت في نظرته الى شؤون الحياة والثقافة ما وافق في نفسي هوى، وجعل بيننا تقاربا يؤسس لصداقة متينة ان شاء الله.

 

"زبون عربي" في حومة الطرابلسية




كان الوقت ضيقا جدا لا يسمح بزيارة كل معالم مدينتي: المنستير. ولذلك اتجهت بأصدقائي الثلاثة إلى حومة الطرابلسية حيث لفت الزبون العربي (الزي التقليدي) الذي ارتداه كل من سي محمود وسي احمد انتباه المارة الذين تطوعوا لالتقاط صور لنا. وقد ترجم انجذاب أصدقائي الى المكان ولهفتهم الى معرفة تاريخه المتصل خاصة بالحركة الوطنية وزعيمها الحبيب بورقيبة ذي الاصل الطرابلسي، أواصر القربى بين الشعبين الشقيقين الليبي والتونسي.



كما بدا عليهم فخر صادق بكون هذا الرجل الاستثنائي والزعيم الفذ ذي الخيارات الفكرية والسياسية المتنورة ، ينحدر من حيث ينحدرون.

وقد تمتنت بيننا علاقة الصداقة الناشئة بما جعلني استجيب الى دعوة صديقي محمود الاساتذة لحضور آخر حفلة داخلية تحييها فرقته قبل رحلة عودتهم الى طرابلس. كانت سهرة رائقة جئتها حاضرا من جملة الحضور النكرات واصطحبت خلالها عددا من كتبي لأهديها بستر الله الى صديقي الجديد الدكتور البشير الصفصاف، الذي أبدى في الصباح اهتماما بالأدب عموما وفضولا علميا للتعرف على كتاباتي.


ولكن صديقي سي محمود، الذي اتضح أن له في الوفد الإعلامي الليبي موقع قرار مؤثر، رأى أن يحتجز الكتب، منذ وصولي إلى الفندق. كان ذلك لغاية في نفسه لم تنكشف لي إلاّ في منتصف الحفل الذي كان نجمه ونشّطه المطرب الليبي الجميل فرج الشريف.

 

تبادل ثقافي على الطائر وآفاق واعدة


عندها فاجأني مطربنا بدعوتي الى الركح صحبة الدكتور البشير الصفصاف وطرح عليّ من الأسئلة ما فرض عليّ تقديم هديتي إلى صديقي امام جمهور البعثة والتحدّث بالتفصيل عن فحوى هذه الكتب وعن تجربتي الفنية والأدبية عموما.

وقد شاء أن يورطني في العزف والغناء بصوت ما كان مستعدا لذلك. فوجدتني مدفوعا إلى أن أقرأ على الحضور بعضا من شعري في الهيك وخاصة نصّ اغنيتي "الطريق الواعرة". وقد أسعدني أن لقيت مداخلتي لدى الدكتور صفصاف ولدى الحضور عموما استقبالا حسنا شرفت به ايما شرف.


وسرعان ما اتضح لي أنّني لم أكن المدعوّ الوحيد للمساهمة في هذا الحفل الذي تحول الى لقاء فنيّ وشعريّ مشترك تونسيّ ليبيّ، ساهم فيه من ليبيا إضافة إلى المطرب فرج الشريف الشاعر الأستاذ عبدالله أبورزيزه الذي أتحفنا بقصيدة جميلة تغنى فيها بمسقط رأسه طرابلس، كما اكتشفت خلاله واحدا من خرّجي فرقة موسيقى الشباب بالمنستير، وهي فرقة شبابي.

انه المطرب الشابّ الواعد المتميز فعلا وليد سالم الذي قدّم وصلة من الأغاني التونسية والليبية افتكت اعجابي الخاص ولاقت استحسان الحضور. وقد جاء مطربنا التونسي المنستيري (من قصر هلال) مصحوبا بالناشط الجمعياتي الأستاذ توفيق المكّني نائب رئيس جمعية روافد للفنون والابداع وبالإعلامي نبيل الهاني وكلاهما من المشرفين على هذه الجمعية.



وقد علمت بالمناسبة بأن اتفاقا للتبادل الفني والثقافي كان قد عقد قبل يومين بين الوفد الليبي ممثلا في الأستاذ محموذ أبو دربالة نيابة عن المعهد العالي لتقنيات الفنون بطرابلس وبين جمعية روافد التي يرأسها الأستاذ خالد الكبيّر. وسيشرع في تجسيد هذا الاتفاق قريبا عبر مهرجان سيقام بطرابلس في مطلع السنة القادمة بمساهمة تونسية ليبية.

الهكواتي

المنستير في 11 أكتوبر 2022

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة والتراث

تكريم الهكواتي

أنا أيضا ... حوماني