الهكواتي نور الدّين صمّود



الهكواتي نور الدّين صمّود
في ثاني إنشاء هيكي


في السابع والعشرين من شهر أفريل 2018، وفي فضاء روسبينا للمسرح بحي البساتين بالمنستير، قالت لطيفة اللبّان منشطة مجلس الهكواتي المخصص للاحتفاء "بالدّيوان الفريد" وتكريم العميد نور الدين صمّود، قالت، بعد استماعها إلى قصيدته الهيكيّة الجديدة التي كبتها مخصوصا لهذا المجلس:
"لست أدري، يا حضرة العميد، إن كنت تسمح لي بعد هذه القصيدة الهيكية الثّانية التي تفضلت بها، والأولى التي تقرأ في أمسية أمام الجمهور، أن أدعوك العميد الهكواتي نور الدّين صمّود".
وبروح الدّعابة التي عهدناها فيه، ردّ عليها عميدنا: "بل قولي الهكواتي المريد نور الدّين صمّود". كم أنت كبير أيها الشاعر العميد، وكم هو محظوظ مريدك إذ تقاطعت طريقاكما فكان بينكما ذلك اللقاء الذي أفرز الدّيوان الفريد.
بين دفتي هذا الدّيوان المنتظر، توجد أوّل قصيدة هيكيّة[1] كتبها العميد نور الدّين صمّود بعد أن انتهت كلّ اللّعبة التي خاضها مع الهكواتي في "وقتها الأصلي" وفي وقتها الإضافي أو في "حديث السّقيفة" كما نصّ عليه الدّيوان.
هذه القصيدة في حدّ ذاتها تكريم منه كبير لمريده يشكّل، ولا جدال، حدثا أدبيّا مهمّا. إذ أنّ عميدنا سجّل بها سبقه، فكان أوّل شاعر عربيّ يكتب الهيك الموزون على النّمط الذي استنبطه الهكواتي. أمّا وقد دعّم العميد تجربته بقصيدة (هكيدة) ثانية على نفس النّمط، وتفضّل بإلقائها أمام جمهور مجلس الهكواتي الملتئم بفضاء روسبينا احتفاء بهذه التّجربة الفر يدة، فإن احتضان هذا الفضاء وهذا المجلس الذي تنظمه به جمعية "معابر" المغاربية المتوسطية للفنون والآداب والتثافق ، لأول تظاهرة تلقى فيها قصيدة هيكية، يمثل شرفا لجمعيتنا ولورشة الهكواتي يستدعي  احتفاء خاصّا بهذه القصيدة التي ننشرها هنا ونرفقها بردّ الهكواتي عليها في نفس الأمسية.
كما ننشر معهما، وهذا يسعدنا، شهادة من الشاعر الصديق لطفي عبد الواحد الذي لبى دعوتنا فحضر المجلس مشكورا، مرافقا العميد في رحلته من قليبيا إلى المنستير.
قراءة ممتعة للجميع، مع محبّة الهكواتي

*****
بيان على نمط شعر اليابان
هكيدة العميد نور الدّين صمّود[2]


أقول الذي لم يُقلْ
ولم يُرْوَ في الناس منذ الأزلْ
ولا يَعتريني المللْ.
***
وشِعري كغيث هطلْ
به  ظل يغسل رأس  الجبلْ
فإني فعولن فَعَلْ.
***
وأبيات شِعري عيونْ
ترى فوق ما قد تراه الظنون
فيا ليتكم تبصرون.
***
ولما فقدت الرجا
جعلت لقلبي بقلب الدّجى
مصابيحَ كيْ أخرُجا.
***
وسِرْتُ على نورها
وأصبحتُ أمرح في دورها
صباحي كـ(بُـونْ جورها).
***
أنا لم أُفـَرْنـَجْ كما
تفرنج غيري سريعًا وما
رأى غيرَ لونِ العَمَى.
***
أُحِبُّ جميلَ الفِعالْ
بكل هدوء ودون انفعالْ
وأغسله بالـ(جَفالْ).
***
إذا الشعر لم يَتـَّزِنْ
ولم يك كالعود حين يَرِنْ
فمنه أكـاد أُجَـنْ.
***
أرى الشعر دون قوافْ
كمَنْ سار في عُرْيه وهو حاف
وكالزهر بعد الجفافْ.
***
(مُنستيرُ) أرضُ االحبيبْ
لها في قلوب الجميع دبيبْ
لديها البعيد قريبْ.
***
وُلِدْتُ بـإقليبيا
بشرق الشمال لإفريقيا
وجدّيَ من ليبيا.
***
أطيرُ بجوِّ القصيــدْ
بشعر طليقٍ وشعرٍ عمودْ
وأسألُ: هلْ مِنْ مزيدْ.
***
أقول الذي لم أزلْ
أقول وأسبق أهل الغزْلْ
ولست أخاف الزللْ.
***
أ لم تـرَ قلبي اشتعل
إذا ما عذولي بحبّي اشتغلْ
ولم يُبق فيه الأملْ؟
***
زرعتُ بقلبي القصيدْ
وأصبحت فيه لديكمْ عميدْ
فمن سيكون المُريدْ؟
***
لقد قال لي: (مرحبا)
أيمَّةُ شعريَ منذ الصِّبا
فجاوزتُ أعلى الرّبا.
***
من الـ(بُرج) كم جئتُ أسعى
إلى (حِصنِكم) عندما كنتُ أدْعَى
فيغدو لعينييَّ مَـرْعَى.
***
وأبصر فيه الكمالْ
وألمح فيه معاني الجلال
ويكشف سر الجمالْ.
***
إذا الشعر لم يتـَّقِـدْ
وبالسمع والقلب لم يستبدْ
فذلك ثلج جمدْ.
***
وهبتُ الحياة لشعري
وبحتُ له مذ خـُلِقـْتُ بسري
وأهديتـُه كل عمْري.
***
إلى الشعراء ومنْ
أتى مقبلا من أقاصي الوطنْ
بشعري بدا  مُفتــتـنْ.
***
بمسرح روسبينِـيَا
رأيت جموعًا من الأذكيا
لهم في الدياجي  ضِيا.
***
بسحر الغزال الأغـنْ
تغنيتُ كالطير فوق الفـَنـَنْ
وكِدْتُ به أن أُجَـــنْ.
ن ص– قليبية/المنستير 27 أفريل 2018

*****

منستيرنا أشرقت
هكيدة المريد، الهكواتي سالم اللبّان[3]


أيا شاعرا مرحبا
شرفنا عميدي بمقدمكم
فأهلا وسهلا بكم (1)
*****
ومجلسنا يا "ولوع"[4]
بمسرح روسبينا هذا المساء
أضاء بديع الشموع (2)
*****
مدين أنا للصّدف
فقد كنت أجهل عنك الكثير
وها أنني أعترف(2)

*****
اليك اعتذارُ المريد
صغيرا تساميت عن علمكم
وكنت ظلوما عنيد(2)
*****
فعاديت رسما درس
حسبت العمود عصاة حرس
وسجنا لكتم النفس (3)
****
وأصغيت للثائرين
يقولون: شعرُك نظمُ احتيالْ
بلا نكهة أو جمال(1)
*****
ظللت طريقي إليك
سمعت فصدّقت، لَم أطّلع
حكمت بجهل عليك(2)
*****
ولما فتحت الكتاب
وجدتك بحرا بعلم غزيرْ
وللشعر نعم الأميرْ(1)
*****
فشرفتني يا عميد
ورافقتني في مسيري إليك
وفخري أنّي المريد(2)
*****
وخضنا التحدّي معا
صمودا وجدتك مثل الأسد
سلاما على من صمد(1)
*****
قديم، حرست الجذور
جديد، صنعت ربيعا جديدْ
بهيّا بديع الزهور(2)
*****
منستيرنا أشرقت
بشِعرٍ، أبا النور[5]، منك انبثق
كشمس تضيء الأفق(1)
***
فقد جئتنا منشِئا
تغني لنا من كتاب الوجود
تباشير هيك جديد(1)

الهكواتي – المنستير 27 أفريل 2018

*****
مجلس الهكواتي يكرّم الشاعر الكبير نور الدين صمّود في إطار جميل من التفاعل بين الفنون وأدوات التعبير
شهادة الشاعر لطفي عبد الواحد

يوم الجمعة 27 أفريل كنت من بين الحاضرين في المجلس السادس للهكواتي الذي نظمته جمعية معابر المغاربية المتوسطية للفنون والآداب والتثاقف في فضاء روسبينا للمسرح بحي البساتين بالمنستير، استجابة لدعوة لطيفة من الاستاذ والشاعر الفنّان سالم اللبان رئيس الجمعية الذي حرص ان يكون المجلس السادس مخصّصا لتكريم الشاعر التونسي الكبير الدكتور نور الدين صمّود وعرض تجربة أدبية طريفة خاضها الهكواتي شاعر الهيك، والهيك هو صنف من الكتابة الشعرية اليابانية، مع المكرّم صاحب القصيدة العمودية وشعر التفعيلة انتجت ديوانا شعريا فريدا انجز على مراحل انطلاقا من حوارات شعرية على مواقع التواصل الاجتماعي وضمّ نوعا ثالثا من الشعر اطلق عليه الدكتور صمّود شعر الهكيدة[6] ومن المنتظر ان يصدر هذا الديوان المشترك قريبا حاملا عنوانا مسجّعا على شكل عناوين كتب التراث وهو "الديوان الفريد من شعر العميد والمريد بين هيك وقصيد"..
في فضاء روسبينا الثقافي حضرت صحبة الأستاذ نور الدين صمّود الذي سرّتني مرافقته من نابل الى المنستير وكان في استقبالنا الشاعر الهكواتي سالم اللبّان وعدد من المبدعين والمسؤولين عن الثقافة في الجهة وفي مقدمتهم السيّد المندوب الجهوي للثقافة واصدقاء من مبدعي المنستير وشعرائها ومنهم الصديق الاستاذ محمد البدوي والشاعر الحبيب الزناد اللذين لم التق بهما منذ امد بعيد. وفي فضاء روسبينا التقيت بالصديق الشاعر لطفي الشابي والأستاذة الشاعرة نورة عبيد اللذين حلّا ضيفي شرف بهذه المناسبة وقدّم كل منهما قراءة في العمل المشترك بين الشاعرين. كما التقيت بالاستاذ الموسيقي المتميز وعازف السكسفون فاخر حكيمة الذي كان له دور كبير في تطويع هذه الالة الموسيقية لاداء الموسيقى العربية. وقد اطرب الحاضرين بمعزوفاته الجميلة في لقاء تنوعت فيه الفقرات الفنية مع القراءات الشعرية ولم يخل من التدخلات الرشيقة والملاحظات الطريفة التي تميّز بها الدكتور الشاعر نور الدين صمّود حيثما حلّ.
شكرا للمنستير ومثقفيها على الاحتفاء بالشاعر نور الدين صمّود وشكرا للهكواتي سالم اللبّان وأعضاء جمعيته على المبادرة بتكريمه وتثمين تجربته الابداعية وأرجو ان تتبع هذا اللقاء لقاءات أخرى بمناسبة صدور الديوان الفريد في المنستير ونابل وقليبية وغيرها من مدن وطننا الجميل..

لطفي عبد الواحد


[1]  (أو هكيدته حتى نتبنى التسمية التي أطلقها الشاعر لطفي الشّابّي)
[2]  هذه القصيدة الهيكية موزونة على واحد من عشرات الموازين التي ضبطها الهكواتي لصياغة الهيك حتى تقوم كل هيكة منه على 17 مقطعا موزعة على ثلاثة أسطر (5-7-5 مقاطع). ويقابل إيقاع قصيدة العميد بالتفعيلات المعروفة : فعولن فعولن فعل – فعولن فعولن فعولن فعل – فعولن فعولن فعل.
[3]  ألقيت في استقبال العميد نور الدّين صمّود بمجلس الهكواتي في 27 أفريل 2018. وهي على نفس إيقاع هكيدة العميد (فعولن فعولن فعل - فعولن فعولن فعولن فعل- فعولن فعولن فعل) على أن العميد التزم نوعا واحدا من القافية (النوع الثالث) في حين نوع الهكواتي القوافي مستعملا أصنافها الثلاثة كما تشير إلى ذلك الأرقام في آخر كل هيكة.
[4]  عبارة مقتبسة من القصيدة الهيكية الأولى التي كتبها العميد والمنشورة في الديوان الفريد
[5]  في حلقات أصدقائه الضّيّقة، يدعى العميد نور الدّين صمّود بأبي النّور
[6]  المصطلح من نحت الشاعر لطفي الشّابّي وقد أطلقه في تعقيبه المنشور في خاتمة الدّيوان الفريد (التحرير)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة والتراث

تكريم الهكواتي

أنا أيضا ... حوماني