حوار شعري بين نور الدّين صمّود والهكواتي


حوار شعري بين نور الدّين صمّود والهكواتي

تمهيد :
تشرفت، يوم الأربعاء الحادي والثلاثين من أوت المنصرم بحضور جلسة أدبية انتظمت في رواق "ريدار" بمنزل تميم لصاحبته الأستاذة الشاعرة والفنانة التشكيلية هاجر ريدان. وقد كان موضوع الجلسة ومحورها كتاب الصديق الشاعر والروائي لطفي الشّابّي "نصف قمر على ليل الحديقة" الذي نال ما يستحقه من تعاليق منوهة بمحتواه وبخصال كاتبه من قبل جمهور محترم العدد كان من بينه شعراء وأدباء أبرزهم عميدنا الشاعر الكبير نور الدّين صمّود الذي جاء مخصوصا من قليبية.

كان موضوع الجلسة، ولا جدال، تقديم الكتاب المذكور. ولكن كان أحد المواضيع الجانبية التي تطرق إليها الحضور يخصّ واقع النّشر في بلادنا. وكانت لي في هذا الموضوع أيضا مساهمة لفتت انتباه عميدنا فرد عليها في حينها كلاما مرسلا بكلام مرسل. وانتهى السجال ومررنا إلى التقاط صور تذكارية كان من الطبيعي أن يكون نور الدين صمود (مع صديقنا لطفي الشابي) أحد نجميها إن لم أقل نجمها دون منازع نظرا لقلة تنقلاته لحضور مثل هذه اللقاءات.
وكان من حظي أن استجاب أحد الحاضرين إلى طلبي التقاط بعض هذه الصور بهاتفي حتى أحتفظ بها لشخصي. ولكن عميدنا طلب مني أن أرسلها إليه بالبريد الألكتروني. فما كان مني إلا أن استجبت بمجرد وصولي إلى العاصمة.

وكم كانت المفاجأة حين وصلتني من الغد رسالة الكترونية من عميدنا تتضمن قصيدة كاملة الاركان كانت منطلق تواصل شعري خصيب لم أعش مثله منذ ديسمبر 2007 حين كتبت ردا على قصيدة الشاعر الصديق سوفعبيد "الخمسون". مع فارق بسيط، هو أن قصيدة سوف عبيد كانت حافزا لي للمبادرة بمفاجأته بقصيدة معارضة لها بينما كانت قصيدة الدكتور نور الدين صمود "استفزازا" لي يذْكُرُنِي باسمي وألقابي ويعيدني إلى كتابة الشعر الموزون فيما يقارب الارتجال حتى أرد على جميل صاحبها بمثله. فإذا التراسل بيننا حوار شعري ومجاملات محببة للنفس وتفاعل نقدي غنمت منه الكثير خاصة في مجال صناعة الشعل التي التي أعتقد صادقا أن لا أحد من الشعراء الأحياء يجاري فيها عميدنا.
ويسرني أن أتقاسم معكم هنا هاتين القصيدتين، شاكرا فضل فضاء ريدار الذي نظم تلك الجلسة الاحتفائية بكتاب صديقي لطفي الشابي والتي لولا تلبيتي الدعوة لحضورها لما كان هذا التبادل الشعري.

1 - قصيدة العميد نور الدّين صمّود

حقوق يقابلها عقوق

من وحي المعاناة من هضم حقوق المؤلفين من الناشرين المستكرشين

مَـرَّ يومُ الأمس في أحلى جِدالْ
بين مَن جاؤوا نساءً ورجالْ
وأتتني بعد هذا صورٌ
تملأُ (الحاسوب) حُسْنًا وجمالْ
وأراها قــد خلــت مِن أوجُـهٍ
لِذواتِ السحر قد كُنَّ مِثالْ؟
(حكواتي) يكره (الكُبِّي) ولا
يرتضيه (وهو وهمٌ وخيالْ)
قد حكى عن كل من (ماتوا على)
(ناشر)، يغمطـُهم (حقـًّا) ومالْ
وهْو مَنْ سوّفهم دهرًا ولم
يعطِهِـمْ حقًّا وقد طال المِطالْ
(سالمُ اللبَّانُ)  قد نبّهكمْ
والذي لم ينتبه سَوْفَ يُذالْ (1)
إنما (الناشرُ) ذئبٌ قد طغى
في قطيع ما له (حقٌّ) يُنالْ
فاطلبوا (الحق) ولو في السجن إذْ
لم يضِعْ (حقٌّ) إذا كنتمْ رجالْ
لم تنالوا (المستوى الأدنَى) إذا
لم تريدوا (المستوى الأعلى) الحَلالْ
إنه مَن يـعـرف  النشــرَ وما
لــذويـه مِنْ غــريــب الاحـتيالْ
كي يرى (الكاتب دومًا في الثرَى)
وهو من (ثروته يَعْلو الجبالْ)
لستُ أستثني سوى ذاك الذي
يرعوي خشيةَ ربي ذي الجلالْ
ذا سؤالي عن حقوق هُضِمَتْ
مَنْ تُرَى يقوى على حل السؤالْ؟

قليبية  1/9/2016
نورالدّين صمّود
-----------------------
(1)يُذال (أي يُهانْ) 

إضافة توضيحية: (ن. ص 1/9/2016)

(حكواتي) أنتَ إذ تحكي، وإذ
تُوجـِزُ الشعرَ بمعـنـَى لا يُقالْ...
(هكواتي) (كَـبَنِي اليابانِ) في
شعرهمْ، إذ كان لمحًاَ (واختزالْ).
ذا قصيدٌ قـلـْـتـُــُه في لحظةٍ
فتقبَّــلـْه فقد جاء ارتجالْ.

إضافة تأييدية: (ن. ص 02/08/2016)

إنه شعرٌ رفيع نابعٌ
من فؤادٍ ما له قـَطُّ مثالْ
يكتب الشعر كما ينشده
عندليب في سهول أو جبالْ
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
فاعلاتن فاعلن دون افتعالْ



2 – قصيدة الهكواتي معارضة لقصيدة صمّود

إلى عميدنا الشاعر الكبير نور الدّين صمّود، صباحك اشراق وبهجة وخصب متواصل وبعد،
لقد أيقظت فيّ قصيدتك المرتجلة "دودة" الكتابة الشعرية التي غصبتها على السّبات منذ أكثر من سنة ونصف، قرفا من هذا المشهد الذي ساده الابتذال ونكران الجميل. فلتتقبلها مني عربون مودة وعرفان ولتسمح لي بنشر قصيدتك معها على مدونتي "ورشة الهكواتي".



شَرَفٌ لِي، لَوْ دَرَوْا


إلى أخينا الأكبر وعميدنا نور الدّين صمّود عرفانا ومودّة صادقة

وَعَمِيدٍ فِي رِيَاضِ الشِّعْرِ صَالْ
دَانَتِ الأَوْزَانُ إِذْ رَامَ ارْتِجَالْ
صَاغَ مَا قُلْنَاهُ إِذْ جَمَّعَنَا
مَجْلِسٌ كَنَّا بِهِ بَعْدَ الزَّوَالْ
فِي قَصِيدٍ أُحْكِمَتْ أَبْيَاتُهُ
فِيهِ تَلْخِيصٌ لِأَطْوَارِ الجِدَالْ
فَإِذَا الشِّعْرُ عَمُودٌ مُخْبِرٌ
عَنْ هُمُومٍ أَوْقَدَتْ فِينَا السُّؤَالْ:
أَيُّ مَعْنًى لِلْأَمَانَةِ وَالوَفَا
فِي بِلاَدٍ سَادَ فِيهَا الاِحْتِيَالْ ؟
*****
صُوَرٌ أَرْسَلْتُهَا مِنْ هَاتِفِي
"مَلَأَتْ حَاسُوبَهُ سِحْرًا حَلَالْ"
كَانَ فِيهَا نَجْمَنَا وَهْوَ الَّذِي
حَوْلَهُ الْتَفَّ نِسَاءٌ وَرِجَالْ
لَمْ يَعِبْ فِيهَا سِوَى أَنْ "قَدْ خَلَتْ
مِنْ وُجُوهٍ هُنَّ لِلسِّحْرِ مِثَالْ"
أَيُّ ذَنْبٍ كَانَ لِي، يَا لَائِمِي،
إِنْ أَبَيْنَ القُرْبَ، أَوْ رُمْنَ ارْتِحَالْ
بَاكِرًا، مِنْ قَبْلِ أَنْ نُنْهِي اللِّقَا  ؟
أَوْ أَبَيْنَ الخَوْضَ، أَصْلاً فِي السِّجَالْ ؟
عَدَسَاتٌ عِدَّةٌ  صَوَّرْنَنَا
هَاتِفِي مِنْهَا وَلَكِنْ لاَ مَجَالْ
لِالْتِقَاطِ الحَاضِرِينَ جَمِيعِهِمْ،
حَيْثُ مَا كَانُوا، بِبَيْتِ الاِحْتِفَالْ
*****
يَا صَمُودُ، بَلْ أَنُورَ الدِّينِ، كَمْ
قَرَّبَتْنَا تَقْنِيَاتُ الاِتِّصَالْ
جَاءَنِي إِنْشَاؤُكُمْ (بِالنَّاتِ) فِي
سُرْعَةِ الصَّحَّافِ إِذْ يُنْهِي المَقَالْ(1)
فَإِذَا النَّصُّ قَصِيدٌ قَدْ بَنَى
جِسْرَ صِدْقٍ لِلِّقَا بَيْنَ الرِّجَالْ
فَاحْتَفَى بِاسْمِي وَأَلْقَابِي وَذَا
شَرَفٌ لِي، لَوْ دَرَوْا، صَعْبُ المَنَالْ
أَيْقَظَ الشِّعْرَ امْتِنَانًا صَادِقًا
لَكَ، فَاقْبَلْهُ ارْتِجَالاً بِارْتِجَالْ

الغزالة في 2 سبتمبر 2016
الهكواتي
-----------
(1)   (هذا الشرح بناء على تساؤل من أستاذنا نور الدين صمود وقد وجهته إليه في خطاب الكتروني) الصّحّاف هو المشتغل بالصّحافة كما يشتغل الحدّاد بالحدادة، وإن كان الاستعمال قد كرّس لفظ "الصّحافيّ". والصّحافي معروف بسرعة إنجاز مقالاته. أمّا إنجاز قصيدة بهذه السرعة القياسية فليس في متناول أيّ كان. و "ينهى المقال" من أنهى إليه الخبر أي أبلغه إيّاه، وإنهاء المقال فيه هنا معنى إتمامه وكذا معنى إيصاله إلى قاعة التحرير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة والتراث

تكريم الهكواتي

أنا أيضا ... حوماني