الشّيخ وشقفة الفسيفساء

سنتي على جناح السّرد – النّص 21 من 53 – 27 جوان 2008 الشّيخ وشقفة الفسيفساء "لو لم أكن عميت عن فهم أهمّية ذلك الوتد الحديديّ اللعين وذلك السّلك الغليظ المشدود إليه، لما أقدمت على لمس الحائط بضربة مطرقة واحدة. ولكن هو القضاء، يا أخي، إذا طرق بابك فلا رادّ له مهما كان احتياطك. وكلّ ما تبقّى، ليس أكثر من أسباب منطقيّة إليها يطمئنّ العقل لتفسير ما حدث." كنت هناك للاختلاء بنفسي قبل اتخاذ قرار خطير قد تكون عواقبه كارثيّة. ولم أكن قد عرفت السّيّد سابقا أبدا، ولا كنت بادرته بالكلام. بل لقد وقفت لاستقباله مرغما أو أكاد. ومع ذلك فقد فرض حضوره عليّ وشرع يروي لي قصّته حالما انصرفت حفيدته التي اقتادته وأمُّها إلى كرنيش "الفالاز". أخذ يتنهّد متحسّرا على نفسه والدّمع من عينيه على أهبة الهطول، وكأنّه أوّل من كسرت ساقه واضطرّ إلى الاستعانة على المشي بعكّازتين. لو كان يعلم ما كنت أعاني أنا، لهان عليه ألمه قطعا. ولكن لا يهمّ هذا الآن. المهمّ أنّني توصّلت إلى كتم ما كان يغلي بداخلي وإلى قبول جلوس غريب إلى جواري على هذا البنك الوحيد المشرف على الفالاز. بل لقد أخذت منه عكّازتيه وساعدته...