نزوةُ صباح



النّص 0 من 53


إلى سالمة ديباج* في ذكرى رحيلها. لم تموتي ولكن هكذا خيّل إليّ.




يومكِ مبارك يا حبيبتي. لستُ أحسّ دِفأكِ يُكَمّد ظهري في فراشنا. فهل طلع الفجر بعد ؟
وكيف تسللتِ من السّرير وما تفطّنتُ، ككلّ صباح، إلى نهوضكِ الباكر جدّا ؟


لست أسمع، يا عزيزتي، وقع خطواتكِ الخفيفة على البلاط. فهل خرجتِ إلى الحديقة بعد ؟
وهل قطفتِ، ككلّ صباح، ورداتك ؟ هل صفّفتِ منها بعد باقتك اليومية لمزهرية مائدة الفطور؟
اليومَ يومُ الوردة الصّفراء ككلّ أربعاء. فهل تذكرتِ رجائي إضافةَ زهرة زرقاء إلى مزهريّتك ؟
لا تنتظري منّي مستقبلا تجديد الرّجاء كلّ أسبوع يا حبيبتي.


ما الذي يجري في المطبخ ؟ لست أشمّ رائحة القهوة العَرْبِي بماء زهر النّارنج.
فهل نفد دقيق القهوة بعد ؟ أم هل أنت تعدّين، لأجلي، واحدة من مفاجئَاتك هــذا الصّباح ؟
دعيني أحزر: ثريد بالزّيت الجديد والعسل ؟


لكم استجبتِ، يا بهجةَ عمري، لكلّ نزواتي. فلا تغضبي، اليوم، منّي إن أربكت مخطّطاتكِ الصّباحيّة. ولبِّي، بلا نقاش هذه المرّة، نزوةً تخطر في الحين ببالي.


لا توقظيني يا حبيبتي. وإيّاك أن تفتحي عليّ غرفة نومنا. بل اذهبي لإيقاظ الأطفال. قولي لهم إن بابا يريد أن يتكاسل في الفراش. ولن يذهب اليوم إلى الشّغل. اجمعيهم ثم افطروا بدوني.


هيّا بلا نقاش، قلت لكِ.

***

هل شبعتم جميعا يا عزيزتي ؟
والثّريد، هل كان لذيذا بالعسل والزّيت الجديد ؟ لقد جمعت زَيْتُونَهُ بنفسي، حبّة حبّة. هل تذكرين ؟


مازال في الوقت متّسع لترتيب محفظات الأطفال.

هيّا تعالي الآن. افتحي لهم غرفة نومنا. وأعلميهم، بكلّ رفق، أنّ لكلّ منّا أن يتوه يوما في الطّريق. وأن بابا لم يهتد هذا الصّباح إلى كيفية النّهوض من نومته الأخيرة.


الغزالة في 06 جانفي 2008

---------
* سالمة ديباج : أمّ الكاتب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القصة والتراث

تكريم الهكواتي

أنا أيضا ... حوماني