المحفـوظــات
نصّ سردي لمزيد التعارف قبل بداية التّحدّي من"دفاتر الرحيل" /الدفتر الأول : شراع التّوق الـــــبُرْكـــَــانُ جَـبـَـــلٌ فِي أَعْــــــلاهُ فُــــوهَـــــــةٌ يَقْــــــــذِفُ حُـــــمَمًا حُــــمَــــــــــــمًا حُــــــمَــــــــــــــــــمًا ... كنّا في ذلك العهد أطفالا. وكنّا نطلق على الشّعر اسم "محفوظات". هكذا، ربمّا لأنّ حفظ بقيّة الموادّ المدرسية عن ظهر قلـب كان مجرّد احترام منّا لاتّفاق ضمنيّ بيننا وبين المعلّم. ولأنّ الأبيات الشّـعريّة التي يُطلب إلينا حفظها كانت تمثّل استثناء. إذ كان المعـلّم يعتبر حفظها عن ظهر قلب وإلقاءها دون زيادة أو نقصان، حـقّا له علينا لا ينازعه فيه أحد. حتّى أنّه كان يصرّ على أن نفردها بكـرّاس خاصّ ذي أوراق من ثلاثة أصناف مختلفة : أوراق عاديّـة مسطّرة بالأزرق والأحمـر وعليها نكتب أبيات الشّعر، وأخرى سميكة ناصعة البياض أُعـدّت لتصوير مشاهد تجسّم معاني القصيد، وثالثة رقيقة شفّافة تعطي القصيد والصّورة رونقا خاصّا ونوعا من القداسة يحبّب إلينا كرّاس المحفوظات، ويجعلنا نقضّي السّاعات الطّوال في تزويقه. أعترف أنّني كنت في ذلك العهد تلميذ...